سورة الزخرف - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزخرف)


        


قوله عز وجل: {حم. وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ} الكتاب هو القرآن: وفي تسميته مبيناً ثلاثة أوجه:
أحدها: لأنه بيِّن الحروف، قاله أبو معاذ.
الثاني: لأنه بين الهدى والرشد والبركة، قاله قتادة.
الثالث: لأن الله تعالى قد بين فيه أحكامه وحلاله وحرامه، قاله مقاتل.
وفي هذا موضع القسم، وفيه وجهان:
أحدهما: معناه ورب الكتاب.
الثاني: أنه القسم بالكتاب، ولله عز وجل أن يقسم بما شاء، وإن لم يكن ذلك لغيره من خلقه.
وجواب القسم {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرءاناً عَرَبِيّاً} وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: إنا أنزلناه عربياً، قاله السدي.
الثاني: إنا قلناه قرآناً عربياً، قاله مجاهد.
الثالث: إنا بيناه قرآناً عربياً، قاله سفيان الثوري. ومعنى العربي أنه بلسان عربي، وفيه قولان:
أحدهما: أنه جعل عربياً لأن لسان أهل السماء عربي، قاله مقاتل.
الثاني: لأن كل نبي أنزل كتابه بلسان قومه، قاله سفيان الثوري.
{لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: تفهمون، فعلى هذا يكون هذا القول خاصاً بالعرب دون العجم، قاله ابن عيسى.
الثاني: يتفكرون قاله ابن زيد، فعلى هذا يكون خطاباً عاماً للعرب والعجم.
قوله عز وجل: {وَإِنَّهُ فِي أَمِّ الْكِتَابِ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: جملة الكتاب.
الثاني: أصل الكتاب، قاله ابن سيرين.
الثالث: أنها الحكمةالتي نبه الله عليها جميع خلقه، قاله ابن بحر.
وفي {الْكِتَابِ} قولان:
أحدهما أنه اللوح المحفوظ؛ قاله مجاهد.
الثاني: أنه ذكر عند الله فيه ما سيكون من أفعال العباد مقابل يوم القيامة بما ترفعه الحفظة من أعمالهم، قاله ابن جريج.
وفي المكنى عنه أنه في أمِّ الكتاب قولان:
أحدهما: أنه القرآن، قاله الكلبي.
الثاني: أنه ما يكون من الخلق من طاعة ومعصية وإيمان أو كفر، قاله ابن جريج.
{لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} فيه وجهان:
أحدهما: رفيع عن أن ينال فيبدل. حكيم أي محفوظ من نقص أو تغيير، وهذا تأويل من قال أنه ما يكون من الطاعات والمعاصي.
الثاني: أنه علي في نسخه ما تقدم من الكتب، وحكيم أي محكم الحكم فلا ينسخ، وهذا تأويل من قال أنه القرآن.
قوله عز وجل: {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: أفحسبتم أن نصفح ولما تفعلون ما أمرتم به؟ قاله ابن عباس.
الثاني: معناه أنكم تكذبون بالقرآن ولا نعاقبكم فيه، قاله مجاهد.
الثالث: أي نهملكم فلا نعرفكم بما يجب عليكم، حكاه النقاش.
الرابع: أن نقطع تذكيركم بالقرآن: وإن كذبتم به: قاله قتادة.
ويحتمل خامساً: أن نوعد ولا نؤاخذ، ونقول فلا نفعل.
{قَوْماً مُّسْرِفِينَ} فيه وجهان:
أحدهما: مشركين، قاله قتادة.
الثاني: مسرفين في الرد.
ومعن صفحاً أي إعراضاً، يقال صفحت عن فلان أي أعرضت عنه. قال ابن قتيبة: والأصل فيه إنك توليه صفحة عنقك. قال كثير في صفة امرأة:
صفحٌ فما تلقاك إلا بخيلة *** فمن قَلّ منها ذلك الوصل قلّت
أي تعرض عنه بوجهها.
قوله عز وجل: {وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: سنة الأولين، قاله مجاهد.
الثاني: عقوبة الأولين، قاله قتادة.
الثالث: عِبرة الأولين، قاله السدي.
الرابع: خبر الأولين أنهم أهلكوا بالتكذيب، حكاه النقاش.


قوله عز وجل: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْداً} أي فراشاً.
{وجَعَلَ لَكُم فِيهَا سُبُلاً} أي طرقاً.
ويحتمل ثانياً: أي معايش.
{لَعَلَّكُم تَهْتَدُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: تهتدون في أسفاركم، قاله ابن عيسى.
الثاني: تعرفون نعمة الله عليكم، قاله سعيد بن جبير.
ويحتمل ثالثاً: تهتدون إلى معايشكم.
قوله عز وجل: {وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: الأصناف كلها، قاله سعيد بن جبير.
الثاني: أزواج الحيوان من ذكر وأنثى، قاله ابن عيسى.
الثالث: أن الأزواج الشتاء والصيف، والليل والنهار، والسموات والأرض، والشمس والقمر، والجنة والنار، قاله الحسن.
ويحتمل رابعاً: أن الأزواج ما يتقلب فيه الناس من خيرٍ وشر، وإيمان وكفر، وغنى وفقر، وصحة وسقم.
{وَجَعَلَ لَكُم مِّن الْفُلْكِ} يعني السفن.
{والأنعام ما تركبون} في الأنعام هنا قولان:
أحدهما: الإبل والبقر، قاله سعيد بن جبير.
الثاني: الإبل وحدها: قاله معاذ. فذكرهم نعمه عليهم في تسييرهم في البر والبحر.
ثم قال {لِتَسْتَوُواْ عَلَى ظُهُورِهَا} وأضاف الظهور إلى واحد لأن المراد به الجنس فصار الواحد في معنى الجمع.
{ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} أي ركبتم.
{وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} أي ذلل لنا هذا المركب.
{وَمَا كَنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: ضابطين، قاله الأخفش.
الثاني: مماثلين في الأيد والقوة، قاله قتادة من قولهم هو قرن فلان إذا كان مثله في القوة.
الثالث: مطيقين، قاله ابن عباس والكلبي، وأنشد قطرب لعمرو بن معدي كرب.
لقد علم القبائل ما عقيل *** لنا في النائبات بمقرنينا
وفي أصله قولان:
أحدهما: أن أصله مأخوذ من الإقران، يقال أقرن فلان إذا أطاق. الثاني: أن أصله مأخوذ من المقارنة وهو أن يقرن بعضها ببعض في السير.
وحكى سليمان بن يسار أن قوماً كانوا في سفر، فكانوا إذا ركبوا قالوا: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} وكان فيهم رجل على ناقة له رازم وهي لا تتحرك هزالاً فقال أما أنا فإني لهذه مقرن، قال فقصمت به فدقت عنقه.


قوله عز وجل: {وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً} فيه أربعة أوجه:
أحدها: عدلاً أي مثلاً، قاله قتادة.
الثاني: من الملائكة ولداً، قاله مجاهد.
الثالث: نصيباً، قاله قطرب.
الرابع: أنه البنات، والجزء عند أهل العربية البنات. يقال قد أجزأت المرأة إذا ولدت البنات. قال الشاعر:
إن أجزأت مرة قوماً فلا عجب *** قد تجزئ الحرة المذكارُ أحيانا
{إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ} قال الحسن: يعد المصائب وينسى النعم.
قوله عز وجل: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً} أي بما جعل للرحمن البنات ولنفسه البنين.
{ظَلَّ وَجْههُه مُسْوَداً} يحتمل وجهين:
أحدهما: ببطلان مثله الذي ضربه.
الثاني: بما بشر به من الأنثى.
{وَهُوَ كَظِيمٌ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: حزين، قاله قتادة.
الثاني: مكروب، قاله عكرمة.
الثالث: ساكت، حكاه ابن أبي حاتم. وذلك لفساد مثله وبطلان حجته.
قوله عز وجل: {أَوَمَن يُنَشَّؤُاْ فِي الْحِلْيَةِ} النشوء التربية، والحلية الزينة. وفي المراد بها ثلاثة أوجه:
أحدها: الجواري، قاله ابن عباس ومجاهد.
الثاني: البنات. قاله ابن قتيبة.
الثالث: الأَصنام، قاله ابن زيد.
وفي {الْخِصَامِ} وجهان:
أحدهما: في الحجة.
الثاني: في الجدل.
{غَيْرُ مُبِينٍ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه عني قلة البلاغة، قاله السدي.
الثاني: ضعف الحجة، قال قتادة: ما حاجت امرأة إلا أوشكت أن تتكلم بغير حجتها.
الثالث: السكوت عن الجواب، قاله الضحاك وابن زيد ومن زعم أنها الأصنام.
قوله عز وجل: {وَجَعَلُواْ الْمَلآئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمنِ إِنَاثاً} في قوله {عِبَادُ الرَّحْمَنِ} وجهان:
أحدهما: أنه سماهم عباده على وجه التكريم كما قال {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الِّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً}.
الثاني: أنه جمع عابد.
وفي قوله: {إِنَاثاً} وجهان:
أحدهما: أي بنات الرحمن.
الثاني: ناقصون نقص البنات.
{أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ} يحتمل وجهين:
أحدهما: مشاهدتم وقت خلقهم.
الثاني: مشاهدتهم بعد خلقهم حتى علموا أنهم إناث.
{سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} أي ستكتب شهادتهم إن شهدوا ويسألون عنها إذا بعثوا.

1 | 2 | 3 | 4